Wednesday, March 28, 2012

حياه اخرى 5


خطت سعاد اولى خطوات عملها فى ممر طويل , كئيب اللون , المبنى كله كئيب , اشبه بمن هجرته الحياه , حتى الاطلال لها دفء عن هذا المبنى ,
المكان كله اشبه شئ بإنسان مريض النفس , سقيم الروح , كأنه يتربص بمن يخطو بداخله ليبثه سمه القاتل و يسلبه جمال الروح
هكذا شعرت سعاد و هى تخطو فى الممر تجاه عنبر الاطفال أ , تستعيد كلمات الرائد فؤاد
- يا ست سعاد , خلى ليك شخصيه , انا هخلى عسكرى يكون معاكى علشان محدش يتجرأ عليكى او يضايقك
- سياده الرائد , دول اطفال , مش مسجل خطر , اطفال مهما حصل فى الكون , . عسكرى ايه و يتجرؤا ايه , بص انا هتفق مع حضرتك على اتفاق , انا هجرب و اروح لوحدى , و لو حصل بوادر اى شئ , هسيبهم و ارجع اخد عسكرى
- يا ست سعاد , انا قلقان على حضرتك . طيب بصى خلى معاك اللاسلكى مفتوح علشان على الاقل احس انك ممكن توصلى لنا بشكل اسرع
-اتفقنا
- دول مش اطفال عاديين يا ست سعاد , دول اطفال شافوا من الاهوال اللى يجردهم من كل المشاعر يعنى اخطر من المسجل خطر , دول اطفال شبه الانسان الالى , بيعمل اللى اتبرمج عليه من غير ما يعرف عواقب او يقدر عواقب اللى بيعمله
كلما اقتربت سعاد اكثر من عنبر أ , ازداد الصخب و الصراخ , كانت سعاد على وشك ان تمسك بمقبض الباب عندما سمعت صوت كالفحيح يصدر من وراء الحائط المجاور للعنبر
-انا هخليك تدفع التمن , مش هربت و اتحاميت فى البوليس ,
- لألأ , لأ و الله يا دبش , انا ماكنتش بتحامى فيهم , ارحمنى , انا .... انا هقولك اللى حصل
- ما تحاولش تضحك علي يا حيوان , انت فاكر انك كده هتفلت , انا هخلصك من روحك دى حالا بس بعد ما اخليك تندم 100 مره
- و الله يا دبش صدقنى , بص , هما عملوا الحركه دى علشان يوقعوك , يا دبش ده كمين لك كعلشان تنتقم منى و يعرفوا يثبتوا عليك كل التهم , انا كبش يا دبش , صدقنى , بص انا عرفت من مرجان انهم وزوه هو و هانى علشان يهدودنى و يعملوا هيضربونى فأهرب , و بعدين قبضوا عليا و فهموا الكل انى اتحاميت فيهم و انى حكيت عنكم اللى يخليهم يعرفوا يقبضوا عليك , اللى قر على زيكوا هو الواد مرجان مش انا
و حطونى فى اوضه لوحدى الفتره اللى فاتت علشان تفتكر انهم خرجونى ,
صدقنى يا دبش , هما عايزينك تفتكر انى قرييت عليكم علشان تنتقم و ساعتها يلاقوا حجه يلبسوك كل التهم التانيه اياها
لم تستطع سعاد ان تصمت اكثر من هذا , اصلا لم يكن صمتها سوي شلل مؤقت اصاب كل حواسها و هى تستمع لهذا الحديث , و قررت ان تصدر من الاصوات ما يردع دبش عن الانتقام من هذا الاخر الذى لم تعرف اسمه بعد ,
و فعلا , سكت الفحيح , و قامت هى بإظهار نفسها حتى يستطيع هذا الاخر الهروب من قبضه دبش , و بالفعل قام هذا الاخر بالهرب و عندها رأت فى ملامح دبش هذا ما اثار دهشتها كل الدهشه و بث فيها الرعب ايضا , فحين كانت تتوقع ان ترى ابشع ملامح لطفل او مراهق ما , لم يحدث هذا , بل رأت من الملامح الملائكيه ما اثار هذا الرعب فيها , فلم تتوقع ان يخلق الله كائن بهذا الصفاء الكائن على وجهه و يسخط بروحه كل هذا السخط ,
كانت على يقين تام طيله حياتها ان الروح تنعكس و تجبل الملامح على ما هى عليه , أما ان ترى من الروح و الملامح ما يتضاد , فكانت هذه اول مره لها , صمدت سعاد امام نظرات دبش و قابلتهم بتحدى , ثم بكل بطء متعمد حتى يعكس ثقتها بموقفها امام دبش , تحولت لتدخل العنبر , لم تحاول الالتفات لترى موقف دبش لكنها كانت تشعر انه يتابعها ببصره ايضا ليثبت لها انه لم يهتز , هذا الاهتزاز الذى انعكس على هيئه اختلاج بسيط فى يده استطاعت ان تلمحه قبل ان تدخل العنبر
*****
كان عنبر أ عنبر مرهق , لكنه لم يكن بالسئ بالنسبه لما قيل لها , هم اطفال كالذين نراهم فى اى مدرسه , يتحينون الفرصه للإنفلات من براثن الانضباط المفروض عليهم , و ان كان شكل تعبيرات الوجوه و الاجسام و الالفاظ , اكثر سوءا مما تخيلت لأطفال
فى منتصف النهار توجهت سعاد لمكتب الرعايه الاجتماعيه و طلبت ان تتعرف على ملف دبش
*****
ظلت سعاد طول الليل تسترجع ما قرأت عن دبش , من دهشتها لقصته كان شكل التقرير كصورة يقفز لذهنها دائما كأنه لا يستطيع استيعاب هذه الصورة فى شكل كلمات
" الاسم : عمرو محمد الاسيوطى
الاب : دكتور عمرو الاسيوطى , مدير مستشفى المنيا العام
الام : زينب عبد المجيد صالح , ربه منزل
تاريخ الحاله : 10- يناير - 1992
قام الطفل عمرو بتسليم نفسه لشرطه قسم وسط بمحافظه المنيا و كان عمره 7 سنوات و طلب منهم حمايته من عنف الاب الغير مبرر
تم اعادته لمنزله فى نفس اليوم , على ان الطفل عاد فى اليوم التالى و على وجهه اثار ضرب مبرح و عده كدمات فى انحاء متفرقه بجسمه
و عند مواجهه الاب , نفى ان يكون هو المتسبب فى هذه الاثار و افاد ان الطفل قد هرب منه بمجرد وصولهم للمنزل و ان هذه ليست اول مره يقوم فيها بالهرب , و انه يعالج نفسيا من حاله انفصام فى الشخصيه و قام بتقديم تقارير طبيه تدل على هذا
تم القبض على عمرو مع مجموعة من الاطفال المشردين , و رفض ان يدلى عن عنوان او اسم ولى امر له , و تم التعرف عليه لوجود بلاغ من والده عن غياب عمرو بتاريخ شهر سابق لتاريخ القبض عليه
رفض الطفل ان يعود للمنزل مره اخرى , تم احالته لوزاره الخدمه الاجتماعيه لبحث حالته
لم يتم التعرف على سبب لرفض عمرو ان يتم تسليمه لأهله , و تم ايداعه بمؤسسه رعايه الاجتماعيه لمده 3 اشهر
تم الابلاغ عن هروبه مره اخرى
تم القبض عليه اكثر من مره فى القاهره بتهم متعدده من تشرد و سرقه و اخيرا توزيع حبوب مخدره على طلاب المدارس الثانوى و ايداعه مؤسسه رعايه الاحداث وعليه عدده احكام
يرفض مقابله اهله , و لم يستدل على الاسباب"
- يا الله , هو ممكن يحصل كده فى الدنيا ؟؟ هكذا حدثت سعاد نفسها .
طيب ليه مش عايز يشوف اهله ؟؟ و التقرير برضه مافيهوش حاجه عنهم و لا هما مش اهله ؟؟ , معقول !!! فيه حد يستغنى عن ابنه كده ؟؟
******
مرت الايام بسعاد فى المؤسسه و هى تشعر بتقدم بطئ فى تقبل الاطفال فى عنبر أ لها , لكنها بدأت تشعر ببدايه استجابه , كان هذا بسبب حادث بسيط وقع داخل المكتبه عندما قررت ان تأخذ عنبر أ للمكتبه ,
حيث قام العامل الموجود بالاستخفاف بهم و بقدراتهم و بدأ فى التعامل معهم على انهم سجناء و ليسوا اطفال
عندما لم يستجيب لطلب سعاد ان يعتدل فى حديثه معهم و ان يتفهم انهم اطفال , قامت بعمل مشاجره معه و تحويله لمدير المؤسسه لتعنته و اصراره على سوء معامله الاطفال ,
كانت هذه اول مره فى حياه هؤلاء الاطفال ان يشعروا ان شخص ما يدافع عنهم , و كانت هذه هى بدايه التحول
كانت سعيده جدا بالتقدم الذى احرزته و لكنها لم تستطع ان تنسى دبش , لم تقابله مره اخرى لكن حادث اخر جعلها اكثر اصرارا على معرفه دبش
حيث سمعت طفلا فى عنبر أ يتحدث ان دبش قام بضرب الفراش الخاص بالدور عندما حاول هذا الفراش ضرب احدهم لأجباره على مساعدته فى تنظيف الدور
******
- الو ..سلام عليكم
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته , ازيك يا سعاد
- تمام يا على , عامل ايه ؟
- انتى اللى عامله ايه ؟ انا بطمن عليكى من الرائد فؤاد و سامع انك مبسوطه
- الحمد لله يا على , الاطفال دول مش مجرمين زى ما الناس فاكراهم , اه فيه منهم اللى شكله كده بس غصب عنهم
- منك نستفيد يا سعاد
- كنت عايزه خدمه يا على
- خير ان شاء الله , تحت امرك
- فيه ولد اسمه عمرو , عمرو محمد الاسيوطى
- كنت عايزه اعرف اكتر عن عيلته يا على , الولد ده فيه شئ غريب
- بقول لك ايه يا سعاد , تشتغلى فى الاحداث و حصل , تساعدى الاطفال و حصل , لكن لازم تعرفى حدودك علشان ما تأذيش نفسك , ما ينفعش تدورى ورا كل طفل , مش ها تخلصى و الله اعلم تقعى فى ايه , حاولى ما تورطيش نفسك فى مشاكل احنا مش قدها يا سعاد
- شكرا يا على , اسفه انى ازعجتك , سلام
انهت سعاد المكالمه و قد قررت ان افضل شئ هو ان تقوم بمساعده نفسها و مرة اخرى لمعت عيناها ببريق عزم على فكره ما

Thursday, March 22, 2012

حياه اخرى 4



- صباح الخير يا سياده الرائد
- صباح الخير يا ست سعاد , ايه اخبارك
- تمام حضرتك من ساعه ما كلمتنى امبارح و انا مستنيه اسمعك
- بصى يا ست سعاد , القوانين مافيهاش حاجه تمنع اننا نشغلك هنا , خصوصا ان واسطتك كبيره و ما نقدرش نرفض لها طلب , بس انت عارفه انت هتواجهى ايه ؟؟
*****
عادت سعاد بذهنها للوراء لتتذكر حوار قريب مع اللواء على , اخوها و اخو عادلى , صديق عمرهم منذ تعرفت على عدلى و هو جزء لا يتجزأ من حياتهم
- يا سعاد , اللى انت طالباه ده كتير و انا مش ممكن اساعدك فيه
- يا على حرام عليك , انت اكتر واحد عارف انا عامله ازاى من بعد عدلى , يعنى اروح انتحر علشان احصله و ترتاحوا
- يا سعاد روحى اتطوعى فى اى مكان , بس مش الاحداث يا سعاد !! يا عالم ده كلام ناس عاقلين ؟؟
- يا على , الحادث ما فتش عليه اكتر من كام شهر يا على , انتوا ايه يا ناس , بتنسوا بسرعه قوى كده
- يعنى ايه يا سعاد , واحد حرامى و رد سجون , و اتهجم علىك فى البيت و الحمد لله اتصرفتى صح
بس مش علشان عرفتى تتصرفى صح مع حرامى , يبقى تروحى الاحداث كلها ؟؟؟
- لأ يا على مش علشان اتصرفت صح , علشان ده طفل , طفل عنده 18 سنه , اللى اتهجم عليا مش واحد حرامى , ده طفل
- طفل عنده 18 سنه ,سعاد انتى عايزه تجننينى
- اسمعنى يا على , انت عيالك ربنا يخليهم لك , ادينا انا و انت لحد دلوقتى بنقول عيال , و بنقول ولاد
- و الاثبات الاكبر انه طفل , هو السبب اللى اتهجم عليا علشانه , طفل شاف كأنى السبب انه اتعاقب من المدرس , فقرر يعاقبنى يا على علشان ساعدت فى انه يتمسك فى السوق و هو بيهرب باللى سرقه.  و علشان هو يكون بالجبروت ده , يبقى لازم نرجع نشوف السبب , و لما نسيب كل اللى فى الاحداث و نطنشهم هنلاقى كل بيت فيه حد بيهجم عليه
- يعنى يا سعاد انت بطولك كده اللى ها تحلى كل ده
- على من غير كتر كلام , هتساعدنى ولا لأ

*****
- يا ست سعاد , ايه رجعت فى كلامك ولا ايه ؟؟
- لأ يا سياده الرائد , عارفه , و مستعده


Sunday, March 11, 2012

حياه اخرى 3

- صباح الخير , قالتها سعاد و ابتسامه كبيره تعلو وجهها , تلك الابتسامه التى تعلم يقينا انها تفتح جميع الوجوه العبوسه امامها
- صباح النور
- انا عايزه اشتغل متطوعه هنا فى المركز
- متطوعه !! هنا !!!
- ايوه , هو مش ينفع ؟
- يا حاجه , انت قرأت اليافطه الكبييييييييييره قوى دى المحطوطه بره ؟؟
- ايوه
- طيب أولا , انت اول واحده تطوع للمكان , فمعرفش ينفع اصلا ولا لأ , ممكن نراجع اللوائح ,
بس اعتقد حتى لو اللوائح بيتسمح , اكيد مش بحد فى سن حضرتك
-انا سألت محامى قبل ما اجى هنا , و عرفت انه ممكن , و سنى اقل من 60 و ده يسمح
- حضرتك سيبى عنوانك و تليفونك و انا هرجع للمسؤولين و اكلم حضرتك تانى
********
- معقول يا ماما , انتى عايزه تجننينى ؟؟
- جرى ايه يا مصطفى , انت مش شايف انك بقيت بتزعق لى كتير قوى اليومين دول
- يا ماما حرام عليك , يعنى عايزة تقوللى انك هتشتغلى فى الاحداث و اكون مطمن و مبسوط ؟؟
- اولا انا مش رايحه اشتغل فى السجن , انا رايحه اساعد اطفال , اطفال زى محمد ابنك , الفرق انهم ملقوش الاهل اللى يقوموهم و يخلوهم اطفال زى ما ربنا خلقهم , و اضطروهم يكونوا اطفال احداث و يسرقوا و يعملوا كل اللى عملوه , اكيد دول ما اتولدوش وحوش , و بعدين ما تنساش انى خريجه علم نفس , و اشتغلت فى الاعمال التطوعيه الخاصه بالاطفال كتير قبل ما اخلف حضرتك
- ايوااااااااااه , انت قولتيها اهه , قبل ما تخلفينى يا ماما يعنى من 30 سنه فاتت , الدنيا كلها اتغيرت يا ماما
- مصطفى بقول لك ايه , خلينى اجرب , لو مقدرتش هسيبها و لو لى خاطر عندك , متطولش فى الكلام اكتر من كده , انت ما تعرفش احساس الوحده عامل ازاى من بعد ابوك
- يا ماما , طيب ما الجمعيات الخيريه و الملاجئ و دور المسنين ماليين الدنيا مش لاقيه مكان تطوعى فيه غير الاحداث !!!
- انا مش هناقش الموضوع ده معاك يا مصطفى , انت اكتر واحد عارف ليه انا اخترت المكان ده ولا تحب افكرك
***************************************************************

Wednesday, March 7, 2012

حياه اخرى 2

- يالا يا ماما , جهزى نفسك , انا حجزت لك معانا احنا و العيال فى رحله شرم ,

ايه ده , و انا يا عدلى اللى كنت بقول مش واخد غير ملامحك , بس هى التصرفات ايه غير جزء من الملامح
*****
- "يالا يا سعاد جهزى الشنط , انا حجزت لنا يومين فى باخره الاقصر و اسوان

- يا راجل بلاش جنان , كده من الباب للطاق , طيب مش تقوللى من قبلها اجهز نفسى !!

- يعنى يا سو لما اقول لك قبلها هتعملى ايه غير انك تجهزى الشنط ؟؟؟

- انظف الشقه , نقول لمصطفى و الناس بدل ما يدوروا علينا

- ما لنا احنا و مال مصطفى و الناس هو احنا لازم ندى تقرير عن نفسنا ؟؟ اللى عايزنا يسأل علينا بالتليفون , هو فيه احلى من انك  تغيرى رتابه حياتك كده فجأه من غير احم ولا دستور"
******
- يا مصطفى هو ينفع كده , من غير لا احم ولا دستور , الناس لما يدوروا علينا , مش تقوللى من قبلها اعمل حسابى ؟؟-
- يا ماما اللى عايزنا يسأل علينا بالتليفون , هو فيه احلى من انك تغيرى رتابه حياتك كده فجأه من غير احم ولا دستور"

رحمة الله عليك يا عدلى , اللى خلف ما ماتش "

******

- بكام الطماطم يا محمد؟
- عشانك يا ست الكل ب 3.5
- يا راجل يا طيب !!! بص هات 2 كيلو ب 5 جنيه
- يا حاجه انت عارفه و الله ...
- من غير ما تكمل , ها تدينى ولا امشى؟؟ و هات كيلو خيار

اه يا عدلى رحمة الله عليك , كنت بتتلكك تنزل معايا علشان تتفرج على السوق و اسألك ايه غيتك تتعب نفسك معايا ما انا اقدر اجيب الطلبات و اجى على طول , بسألك بس علشان اسمع ردك عليا " انت ايه حشرك ياوليه , انا نازل مع ظلى هو ينفع الواحد يمشى من غير ظله معاه , فيه حد بيسيب نفسه و يمشى من غيرها "

ادينى اهه يا سى عدلى ماشيه من غير نفسى معايا , ماشيه من غير ظل
.
.
.
, حراااااااااااااااااااااااااااااامىى , حراااااااااااااااااااااااااااااااااااامى " انتبهت سعاد على الصراخ قادم من خلفها و رأت شاب مستميت فى الهروب يمر بقربها و بحركه لا اراديه مدت قدمها و اذا به يتدحرج امامها و استطاع بعض الماره من الامساك به

حانت من الشاب نظره لسعاد , لو ان النظرات تقتل لأرداها فى الحال.
****
مر اسبوع على هذا الحادث , و كانت فى السوق مره اخرى عندما شعرت بمن يحتك بها , التفتت مسرعه فلم تجد احد ,

"يوووووووووه عليكى يا سعاد انت بتخافى من خيالك , اللى يشوفك بتلفى حوالين نفسك كده ميصدقش انك كعبلتى حرامى من اسبوع"

و فجأه الموبايل رن
- الو , ازيك يا مصطفى ؟
- انت فين يا ماما انا فى الشقه
- جيالك حالا , انا فى السوق و راجعه اهه
- يا ماما , مش انا قلت لك لما تعوزى حاجه , اقولى لى و انا اجيبها , تعباه نفسك ليه
- يا مصطفى , انا بمشى رجلى بدل ما جسمى هيقف من قله الحركه , بلاش كلام كتير , انا فى طريقى راجعه اهه

*******
-حبيبى , ازيك , اومال فين محمد و ليلى ,انت كل مره تيجى من غيرهم
- فى النادى يا ماما , انا كنت جاى اخدك تقضى اليوم معانا هناك , حاولت اكلمك الصبح على البيت لما ما ردتيش قلت نايمه
- بس انا تعبانه يا مصطفى , خلينى انا و روحوا انتم
- يا ماما ليلى و محمد مستنينك النهارده و محمد من امبارح عايز يجيليك و انا وعدته انك هتقضى اليوم معاه
- حاضر يا مصطفى , علشان خاطر حماده بيه

******
مضت فتره , لا يوجد جديد فى حياه سعاد , و ان كان قد بدأ ينتابها من حين لأخر شعور انه يوجد شئ ما فى الجو , ذلك الشعور الغامض بأنه يوجد شئ ما يحدث او سيحدث

الحمد لله

Sunday, March 4, 2012

حياه اخرى 1

فتحت عيناى على انعكاس اشعه الشمس من على حوض الاسماك الذى يحوى نيمو و لوزه رفيقا حياتى الجديده

نهضت و اغتسلت و صليت الضحى

حانت منى نظره الى النتيجه المعلقة عند مدخل الشقه لأجد انه مر شهر كامل على هذه الحياه التى بدأت الى حد ما أألفها

جهزت بعض الفطور البسيط و استرجعت معه حياتى الماضيه

" صباح الخير يا سعاد حياتى

هتفطرينى ايه ؟ بصى انا النهارده نفسى مفتوحه ع الاخر

اعملى لنا بيض مسلوق و بطاطس محمره

اه و مش انا عايز اكل مش , و فول بالزبده , و قشطه بالعسل . ممممم , و ايه تانى يا واد يا عدلى , ايه تانى , استنى اما افكر شويه كده "

" يا راجل يا عجوز بقى انت هتاكل كل ده , ده انت زمانك شبعت بس من الكلام "

و الله عندك حق يا سو , خلاص اقولك خليها شاى باللبن و بقسماط

هكذا كانت تمضى صباحاتى المختلفه

عدت لواقعى و نهضت ارتب المنزل و المكتب

هذا المكتب الذى كان مجرد الاقتراب منه يعنى اشعال الحرب الداخليه فى البلاد

ها هى الأوراق الملمها " اه مش كنت يا عدلى تنظمها بدل ما هى زى اوراق الحرب كده , الله يسامحك

و الكتب اضعها فى المكتبه " يا ريت تحط الكتب مكان ما أخذتها , هو انا كل ما ها دور على كتاب هلف عليه الشقه يا عدلى , ارحمنى شويه "

هكذا كنت اطارده بإعتراضى على فوضاويته

جلست اشرب الشاى فى البلكون , " زى دلوقتى كنت بتاخدنى نتمشى على الكورنيش " عمرك ما ملييت انك تمشينى عليه يا عدلى

انا فاكره اول مره اقنعتنى فيها ان النزول فى الوقت ده له سحره الخاص , كان عليك طرق فى الاقناع تستاهل تتدرس فى المدارس

معرفش ليه الواد مصطفى متعلمش الحاجات الحلوة دى منك , انت يا عدلى شكلك ماعرفتش تصاحبه, بس ماعرفتش ازاى !!!! دا الواد كان لازق لك ليل و نهار

هو الواد ده فينه صحيح بقى له يومين ولا سأل , كأنى انا اللى مت , ما اخدتش منك يا عدلى غير ملامحك و طيبه قبلك , بس معرفش زرزته دى جابها منين , طول عمرك رفيقى , لدرجه انى ماحستش انى محتاجه حد و لا حتى ابنى ,

كانت سعاد مستغرقه فى افكارها فلم تسمع جرس الباب الا بعد ان تحول لخبط عنيف , فنهضت مسرعة لتفتح الباب
ايه يا ماما كنت فين كل ده ,بتصل عليك من امبارح ما بترديش قلت يمكن نايمة و الصبح كمان , قلقت و نزلت على ملى وشى
ايه فيه حاجه , انت كويسه

ظلت سعاد فى حاله ذهول لفتره حتى تستوعب ما يقال و تتذكر لماذا لم ترد على التليفون , ثم سطع ذهنها فجأه بأنها رفعت الفيشه و لم تضعها مره اخرى ,
عندها بدأت تستجيب لأبنها و ردت قائله: يوه يقطع دماغى , انا شلت الفيشه امبارح و انا بنظف , و نيست ارجعها تانى
معلش يا مصطفى , سامحنى يا ابنى
طيب و الموبايل يا ماما , هو كمان شلتى فيشته
يا ماما ارحمينى , بقلق عليكى زى المجنون , يعنى اعمل ايه اجيب عيالى و مراتى و نعيش هنا علشان افضل مطمن عليكى


يوه يا مصطفى , ما تخوتنيش , انا مش ناقصه , ادخل , ادخل خلينى اعمل لك كوبايه شاى معايا
ازى ليلى و محمد , عاملين ايه , ما جوش معاك ليه
كويسين يا ماما , مش هينفع اقعد , اصلى رايح مشوار مهم

Thursday, March 1, 2012

امرأه تستحق الشفقه

اتذكر متى قابلتها , كان ذلك منذ زمن طويل , 
كنت قد ذهبت الى النادى كى استنشق بعضا من الهواء النقى  , كنت اراقب النيل , عندما رأيتها هى و اولادها كان قد مضى سنوات على  رؤياهم جميعا , كان اكبرهم فى العاشره من عمره ,
جلسنا سويا , نتبادل اخبار السنين , حين مالت على اذنى تقول " فيك من يكتم السر , انا تعبانه و نفسى افضفض و عارفه انك اهل ثقه , اسمعنى و انصحنى , انا محتاجه النصيحه "
كنت على علم مسبق بمشاكلها مع زوجها , و كنت قد قررت منذ زمن ان امتنع عن الحكم سواء على ما يصدر منها من افعال , او ما يصدر عنه من تصرفات و اقوال , فقد فقدت الثقه فى صحة كل ما تحكيه لأنه من طرف واحد و لأنى شعرت انه يوجد الكثير من المتدخلين و المتكلمين و المقررين فى وضعها الاسرى . و من ثم لم يعد لدى سوى النصيحه المطلقه التى لا تحكم على شخص بعينه .

عقدت كفيها امام وجهها و بدأت تحكى عن قصه جديده , هى الان تعمل و قد قابلت خلال عملها رجلا رفيق , تقول انها لم تجد فى حياتها من يهتم بها بهذا الشكل , و بدأت تسرد محاسن اهتمامه و كيف انه اشعرها انها انسان له قيمه و يستحق الاهتمام

قالت الكثير او هكذا اعتقد , فقد كنت قد صارعتنى المشاعر المتناقضه , أ أشفق عليها , ام اصفعها لتجاوزها جميع المبادئ التى أؤمن بها , ام أشفق على اولادها , ام اتعارك معها , أأكرها , ام اتعاطف , أشمئز ام اتعامل بلا مشاعر

مشكله هذه المرأه انها مدللله , لم يوجد من يعارضها فى اى شئ تهواه نفسها احد , بل كل من يحيط بها يحاول ان يلبى ما تريد , هذا كان انطباع عام من الكثير من الحكايا التى سمعتها

نصحتها بالرجوع لربها و تستفتى قلبها ان كانت مشاعرها على حق ام هى مشاعر يشجعها الشيطان و الهوى

دار الزمن بعد ذلك دورة اخرى و مر عام على لقائى بها , لألقاها صدفة فى مقهى من مقاهى المشروبات المشهورة هذه الأيام , لألقاها مع أخر , غير ذلك الذى حكت لى عنه

اخذتنى جانبا لتفضى الى انها لم تعد تكلم ذلك الرجل الذى اخذت منذ سنه تسرد محاسنه و انه رجل شرير , لماذا ؟؟ لأنه رفض ان يتخلى عن زوجته لأجلها , فقد كان مستعدا ان يتخذها زوجه ثانية , لكنه لم يكن مستعد ان يترك تلك من قضت معه الحياه بكل تقلباتها من أجلها .
ثم بدأت تحكى عن هذا الجديد و كم يحبها , و و و .....
انطلقت من جديد فى سرد المحاسن الجديده , و اصرت ان توضح لى مدى السعاده التى هى فيها, لكنها لم تكن تعلم انه قد وصلتنى اخبار اخرى عنها توضح وضعها الحقيقى فى الحياه

هذه المره لم اكن اشعر نحوها بأى شئ , حزنت جدا ان شعرت انى قد أكن لنبات ما امر به مشاعر أكثر من تلك التى اشعر بها نحوها