Monday, January 14, 2013

دى حركات

يالا يا موكى خلينا نروح نشترى ألوان علشان نرسم و نلون ، ماشى ؟
هنجيب ألوان ؟ منين؟ من عند عمو ؟
ايوه.
اساعده فى لبس الحذاء ، و نفتح الباب لنخرج فكأن بابا الى الجنه فتح له ، فيسبقنى و يجرى لينزل الدرج ، و طبعا يوشك ان يقع عليه لكنه يتماسك و يمسك بالدرابزين.
اجرى عليه و اساعده و اقول له " اسم الله عليك ، معلش , كل ده علشان بتجرى"
يقول لى مطمئنا " دى حركات يا تيته , حركات شوفتى الحركات ، انا ها أعمل حركات تانيه "
يؤلمنى قلبى كثيرا عندما يفعل ذلك و يتحمل الألم او الخوف فى سبيل ان لا يقلق عليه من يحب.
فيتملكنى الغضب من شعورى ان حبى له أقل من هذا التصرف العظيم الذى يصدر عن ذلك الطفل ذى السنوات الأربع، فأبدأ فى التأنيب و الزجر له ليكف عن " الحركات ".
نفتح باب المنزل و نبدأ الرحله , أسأله " ها نشترى ألوان لونها ايه يا موكى "
يجيبنى " أحمر ؟ " 
" و ايه تانى , هنشترى لون ايه كمان ؟ "
" أزرق ؟ "
" أحمر و أزرق , صح , و نجيب لون ايه تانى ؟ " 
" اصفر و اخضر و ابيض . "
" برافو عليك , صح , أحمر و أزرق و أصفر و أخضر و أبيض "
نكمل الطريق ليقابلنا الفتى يحمل المكواه لأصحاب المنازل المحيطه , و ينحنى عليه و يداعبه ببعض الكلمات و يرد عليه موكى بكل أنواع المشاكسات و الضحك الخبيث .
نصل للمكتبه لأسأله قبل الدخول " ندخل لعمو علشان نشترى الألوان "
يقف أمام الفاترينه متفحصا جميع الألعاب ثم يعلن أن " لأ نشترى عربيه "
لأ يا موكى ، احنا جايين نشترى ألوان مش عربيه "
" لأ عربيه , مش عايز ألوان ، أنا عايز عربيه "
نستمر فى الجدل , فأعلن له " لأ يا نشترى ألوان يا نمشى و مش نشترى حاجه خالص "
" لأ مش عايز ألوان , أنا عايز عربيه "
"خلاص يالا بينا " و استدرت لأبتعد عن المكتبه , كنت حقيقه حائره , أرغب فى أن يتعلم انه لا نستطيع ان نشترى كل ما نريد فى أى وقت , و بين رغبتى فى رؤيته فرحا باللعبه الجديده , و كنت مستمتعه بالجدال معه لأراه و هو يتحدث و يجادل و يصر و يقرر ،

عندما أستدرت , كنت حقيقة لا أعرف اذا كنت سأستطيع العوده به خائبا الرجاء هكذا ام لا.
لكنه حسم هذه الحيره بأن فوجئت بيده الصغيره تستوقفنى ثم يشير بيده الاخرى لباب المكتبه و وجهه كله رجاء .
فقلت له " ها نشترى ألوان بس "
" ماشى "
ما ان دخلنا المكتبه حتى رأيته ينظر لباقى العربات و يقول " شوفتى عربيه حمرا ، انا عايزها , اجيبها ازاى دى ؟ و يقف حائرا كيف يصل لتلك العربه الصغيره الملقاه وسط الفاترينه من الداخل"
"لأ يا موكى احنا قلنا ألوان بس "
قلت له هذا و كنت قد قررت قبل ان يجادلنى مره اخرى انى سأشترى له العربه التى يريدها " لأ انا عايزها , العربيه دى ، عايزها "
سألت البائع ان يأتى معنا لنريه العربه التى نريد شرائها , 
يسبقنى هذا الصغير للشارع مره اخرى و يواجه الفاترينه و يقف ليحدد اى عربيه يريدها ليشير للبائع عليها.
فأسأل البائع ان يرينى اياها و اخريات معها و اجادل صغيرى " العربيه دى وحشه البلاستيك بتاعها وحش " و انا اعلم مسبقا انه لن يفهم ما أقول و سيصر أن يأتى له بتلك العربه . 
يفهم البائع انى لا اريد شراء العربه له لغلوها , فيأتيه بعربات اخرى ارخص و ليس من بينها ما يريد.
يتفحص صغيرى العربات و يقرر ان " دى ، اه " ثم يتذكر ان ما اختاره ليس من بينهم , فيخرج مره اخرى و يؤكد على البائع " دى العربيه دى ، الحمرا الكبيره " و يشير لها بكل قوه
نعود للداخل مره اخرى ليخرجها البائع له و معها عربات حمراء اخرى ليختار منها , فيصر على تلك العربه الحمراء الكبيره التى عقد عليها العزم من أول مره و لا يريد غيرها.
أشتريها له بكل راحه رغم معرفتى انها من أسوأ الأنواع و انها لن تدوم معه طويلا رغم سعرها المبالغ فيه.

كم أحب هذا الصغير , الذى لا يهمه شئ سوا ان لا أحزن عليه عندما يقع من على الدرج و يقول لى " دى حركات " 
ذلك القلب البرئ الذى قال لأمه أيضا عندما وقع بالشارع " ولا يهمك يا ماما " حتى لا تخاف عليه.

No comments:

Post a Comment