Saturday, July 6, 2013

يوتوبيا 2013

زمن اليوتوبيا القبيح الذى توقعه الكاتب احمد خالد توفيق و توقعه من قبل الغربيين لكن بشكل ماسخ تفوق التكنولوجيا فيه كل شى و تضيف مسحه من البرود على كل اشكال الحياه

تذكرت كيف ضحكت لوليدها و لأطفالها يوم كانت الثوره
كيف كانت تنظر لأطفالها بكل شفقه من ان يشبوا ف هذا النظام القمعى الظالم القاتل لحريه الانسان
هذا النظام الذى افقد مصر معنى التقدم و معنى الفخر بمصرية الانسان

ثم كانت الثوره ، فبكت كما لم تبك من قبل على ارواح كل من ضحى بنفسه لإنجاح هذه الثوره النقيه المولوده من رحم الظلم و الاستبداد
ثم نظرت لأطفالها و حمدت الله انهم سيعلمون ما هى الحريه و معنى ان يكونوا مصريين و انهم لن يضطروا للتخلى عن هويتهم كما يحدث من الكثيرين فى تلك الايام

ثم تذكر كيف بكت حزنا على ضياع ارواح هؤلاء الشهداء هباءا عندما باع الشعب نفسه من جديد تحت مسمى انقاذ الثوره عندما تحالفوا مع رجال النظام الجديد المتخفيين تحت اسم تمرد و هدفهم الظاهر المعلن هو التخلص من استبداد حكم الإخوان
و الهدف الباطن هو اعاده النظام الفاشى السابق بكل قوة و جبروت

Monday, January 14, 2013

دى حركات

يالا يا موكى خلينا نروح نشترى ألوان علشان نرسم و نلون ، ماشى ؟
هنجيب ألوان ؟ منين؟ من عند عمو ؟
ايوه.
اساعده فى لبس الحذاء ، و نفتح الباب لنخرج فكأن بابا الى الجنه فتح له ، فيسبقنى و يجرى لينزل الدرج ، و طبعا يوشك ان يقع عليه لكنه يتماسك و يمسك بالدرابزين.
اجرى عليه و اساعده و اقول له " اسم الله عليك ، معلش , كل ده علشان بتجرى"
يقول لى مطمئنا " دى حركات يا تيته , حركات شوفتى الحركات ، انا ها أعمل حركات تانيه "
يؤلمنى قلبى كثيرا عندما يفعل ذلك و يتحمل الألم او الخوف فى سبيل ان لا يقلق عليه من يحب.
فيتملكنى الغضب من شعورى ان حبى له أقل من هذا التصرف العظيم الذى يصدر عن ذلك الطفل ذى السنوات الأربع، فأبدأ فى التأنيب و الزجر له ليكف عن " الحركات ".
نفتح باب المنزل و نبدأ الرحله , أسأله " ها نشترى ألوان لونها ايه يا موكى "
يجيبنى " أحمر ؟ " 
" و ايه تانى , هنشترى لون ايه كمان ؟ "
" أزرق ؟ "
" أحمر و أزرق , صح , و نجيب لون ايه تانى ؟ " 
" اصفر و اخضر و ابيض . "
" برافو عليك , صح , أحمر و أزرق و أصفر و أخضر و أبيض "
نكمل الطريق ليقابلنا الفتى يحمل المكواه لأصحاب المنازل المحيطه , و ينحنى عليه و يداعبه ببعض الكلمات و يرد عليه موكى بكل أنواع المشاكسات و الضحك الخبيث .
نصل للمكتبه لأسأله قبل الدخول " ندخل لعمو علشان نشترى الألوان "
يقف أمام الفاترينه متفحصا جميع الألعاب ثم يعلن أن " لأ نشترى عربيه "
لأ يا موكى ، احنا جايين نشترى ألوان مش عربيه "
" لأ عربيه , مش عايز ألوان ، أنا عايز عربيه "
نستمر فى الجدل , فأعلن له " لأ يا نشترى ألوان يا نمشى و مش نشترى حاجه خالص "
" لأ مش عايز ألوان , أنا عايز عربيه "
"خلاص يالا بينا " و استدرت لأبتعد عن المكتبه , كنت حقيقه حائره , أرغب فى أن يتعلم انه لا نستطيع ان نشترى كل ما نريد فى أى وقت , و بين رغبتى فى رؤيته فرحا باللعبه الجديده , و كنت مستمتعه بالجدال معه لأراه و هو يتحدث و يجادل و يصر و يقرر ،

عندما أستدرت , كنت حقيقة لا أعرف اذا كنت سأستطيع العوده به خائبا الرجاء هكذا ام لا.
لكنه حسم هذه الحيره بأن فوجئت بيده الصغيره تستوقفنى ثم يشير بيده الاخرى لباب المكتبه و وجهه كله رجاء .
فقلت له " ها نشترى ألوان بس "
" ماشى "
ما ان دخلنا المكتبه حتى رأيته ينظر لباقى العربات و يقول " شوفتى عربيه حمرا ، انا عايزها , اجيبها ازاى دى ؟ و يقف حائرا كيف يصل لتلك العربه الصغيره الملقاه وسط الفاترينه من الداخل"
"لأ يا موكى احنا قلنا ألوان بس "
قلت له هذا و كنت قد قررت قبل ان يجادلنى مره اخرى انى سأشترى له العربه التى يريدها " لأ انا عايزها , العربيه دى ، عايزها "
سألت البائع ان يأتى معنا لنريه العربه التى نريد شرائها , 
يسبقنى هذا الصغير للشارع مره اخرى و يواجه الفاترينه و يقف ليحدد اى عربيه يريدها ليشير للبائع عليها.
فأسأل البائع ان يرينى اياها و اخريات معها و اجادل صغيرى " العربيه دى وحشه البلاستيك بتاعها وحش " و انا اعلم مسبقا انه لن يفهم ما أقول و سيصر أن يأتى له بتلك العربه . 
يفهم البائع انى لا اريد شراء العربه له لغلوها , فيأتيه بعربات اخرى ارخص و ليس من بينها ما يريد.
يتفحص صغيرى العربات و يقرر ان " دى ، اه " ثم يتذكر ان ما اختاره ليس من بينهم , فيخرج مره اخرى و يؤكد على البائع " دى العربيه دى ، الحمرا الكبيره " و يشير لها بكل قوه
نعود للداخل مره اخرى ليخرجها البائع له و معها عربات حمراء اخرى ليختار منها , فيصر على تلك العربه الحمراء الكبيره التى عقد عليها العزم من أول مره و لا يريد غيرها.
أشتريها له بكل راحه رغم معرفتى انها من أسوأ الأنواع و انها لن تدوم معه طويلا رغم سعرها المبالغ فيه.

كم أحب هذا الصغير , الذى لا يهمه شئ سوا ان لا أحزن عليه عندما يقع من على الدرج و يقول لى " دى حركات " 
ذلك القلب البرئ الذى قال لأمه أيضا عندما وقع بالشارع " ولا يهمك يا ماما " حتى لا تخاف عليه.

Monday, January 7, 2013

قصه ليس لها بدايه


اصبحت عجوز

لا تدرى منذ متى افتقدته , فقط تعلم انها كانت تسابق الوقت ليمر ,لا تعلم متى ستنهى السباق , لكنها لا تستطيع التوقف
تشعر بالالم الشديد متى توقفت , هى تشعر انها تتنفس فقط و هى تسابق الايام لتمر و تبتعد بها, لكنها متى توقفت لا تلتقط انفاسها بل تشعر بأنه يضيق صدرها من قله ما تستطيع تنفسه , عندها تبدأ مره اخرى فى مسابقه الوقت كى تبتعد و تبتعد

لا تتذكر متى بدأت القصه , بل تتذكر ,لكنها لا تريد

فقط تعلم انها تريد ان تمر الشهور و السنين فى لحظات , على بعد الزمن يهدئ من روعها و يقتل ألامها  , هى تعلم انها تحيا الان حياه مؤقتها , لا يوجد شئ له معنى و لا طعم
هى تضحك لتخفى ما يعمل فى داخلها
هى تأكل كى لا يسألها احد لماذا لا تأكل
هى تتكلم , لأنه يجب ان تبدوا طبيعيه
حتى كلمه طبيعى بالنسبه لها لم تعد ذات معنى محدد , كلما مضى الوقت شعرت اكثر و اكثر انها تائهه و انه لا معنى لكل شئ
متى يتوقف كل هذا ؟؟ متى ؟؟ سؤال يدور طيله الوقت حتى و هى نائمه اذا جاز لنا ان نسمى حاله فقدان الوعى و الهذيان نوما
تحاول عدم التفكير فتجد نفسها تتذكر بدايه الاحداث جميعها رغم انها لم تصدق نفسها فى البدايه , كيف انها كانت فى حاله انتظار دائم له دون ان تشعر

كانت تشاهد احد الافلام الاجنبية , حيث وجدت البطله و قد مات عنها زوجها ,  لكن تصلها رساله منه يقول فيها انه لن يتركها و ان لديه خطه لتساعدها على متابعه الحياه , تذكرته حيث كان دائما ما يبحث لها عن حل و عن خططي لتساعدها  مع فارق انه - و الحمد لله  -  لم يمت يمت , هو فقط فارقها , لم تستطع استيعاب الاحداث , تتذكر فقط انه اخبرها بكل بساطه انه تابع حياته بدونها
تتذكر انها فى البدايه كانت تتذكره كأنه مات فعلا , كانت تذكر  اسمه و تجد نفسها تقول بتلقائيه رحمة الله عليه , ثم انتبهت لما تقول لكنها شعرت وقتئذ ان هذا هو الحل الوحيد حتى تتماسك 

كانت تجاهد كى تظل متماسكه , صامته امام الجميع
فى داخلها تراه , هو يحتل كل تفكيرها , كانت نفسها تعصف بكل انواع الانفعالات , تريد ان تصرخ بأن يتركها فهو لا يعلم كم يسبب مرئاه الالم و السعاده و الفرح

كانت تريد ان تغضب . ان تتعارك , ان تهرب , تمنت ان تفقد الذاكره , ان تكون شخص اخر, كانت تريد ان تنتهى بها الحياه لنفس السبب البكاء , الحزن , المهانة , الحب , الامان
كانت تظن انها قد تحولت منذ زمن لطائر يحلق دائما فى السماء السابع للخيال , لكنها تعلم الان انها كانت ساذجة اذ ظنت ان السماء السابع هى أقصى الخيال,
فها هى فيما لم تتخيل نفسها ابدا , ها هى ترى من ال...... , ترى من ذلك الاحساس الذى لا تعلم كيف تصفه , هو مزيج من كل ما تتكون منه الحياه ,هو مزيج من التضاد
كانت قد قرأت مره عن الافتقاد , و انه يعنى دائما انصاف الاشياء , ان تتذكر ابتسامه فتحزن , و تتذكر شخص فتبكى لفراقه , قرأت بأن اصعب شئ و اقسى ما يسببه الافتقاد هو ان تكون متأكد من ان ما فقد لن يعود لك مره اخرى.
ها هى تجرب بعضا من هذا الشعور ,
يا الهى , متى انتهى مما انا فيه , سأحاول ان ظل صامته حتى يقضى الله امرا كان مفعولا

هكذا كانت تحدثها نفسها و هى جالسه على الاريكه بحديقه احدى دور الامراض النفسيه و هى ترى اهلها و جميع من اعتقد الطبيب المعالج انه قد يساعد فى علاجها و تشخيص حالتها يرحل , البعض ناظرا وراءه مشفقا عليها و الاخر ينظر للأرض حزينا , اما هو , فقط هو لم يكن هناك , فهو لا يعلم اين هى الان



Tuesday, April 17, 2012

حياه اخرى 6


يا ربى , اللى بيحصل ده حقيقه ولا حلم ؟؟
لو كان حد حلف لى ان اللى انا فيه ده ممكن يحصل فى يوم من الايام , كنت بلغت عنه مستشفى المجانين
هكذا حدثت سعاد نفسها و هى ترقد متعبه فى حجرتها بفندق فى المنيا , بعدما عقدت العزم على التحرى بنفسها عن حياه عمرو الاسيوطى
جاءت للمنيا منذ 4 ايام و توصلت لمنزله و قامت بمقابله الام ,
تستمر سعاد فى الحديث لنفسها :
يااااااااه يا عمرو , ممكن يكون فيه ناس قلبها كده !! و ذنب امك و ذنبك انت ايه فى كل ده ؟؟
اه يا زينب , ربنا يصبرك و يرجعلك ابنك فى حضنك .
و تتوالى فى ذهن سعاد صور رحلتها منذ استدلت على بيت د. محمد الاسيوطى و مقابلتها للام لتجدها مقعده تمارس شئون حياتها بواسطه كرسى متحرك , تحمل ملامح ابنها , من صفاء و سكينه
تحدثها انها تعمل بالمؤسسه المودع بها عمرو و انها كانت تبحث عن سبب لسلوكه الذى لم تجد له مبرر فى الاوراق الرسميه المرفقه فى ملف ابنها .
عندما خرجت سعاد من منزل د. محمد الاسيوطى يومها لم تكن كانت استوعبت كل ما قالته الام. و كانت على موعد اخر مع الام فى الايام التى تلت ذلك
لم يستطع أو بالأصح رفض عقلها و قلبها ان يصدق وجود كائن حى ببشاعه د. محمد ,
قسوه مبررها انه عايز ابنه يطلع راجل من صغره مش عيل متدلع , كره غير مبرر للطفل منذ ان علم بحمل الام و محاولته لأسقاطها بطرق ملتويه لتظهر فى النهايه كأنها حوادث غير مقصوده
ظلت زينب تحكى كالمستغيث لسعاد كل ما مرت به منذ تزوجت د. محمد و حتى تلك اللحظه التى جمعتها بسعاد
زينب : انا مقعده منذ ان اتممت الرابعه عشر ,والدى زوجنى فى السابعة عشر على محمد طالب السنه النهائيه بكليه الطب و ابن عضو بارز و مهم  بالبرلمان اللى هو مجلس الشعب دلوقتى , و السبب طبعا انى بنت اغنى تجار البلد و الوريثه الوحيده لثروة ابي

أنا معرفش محمد و لسه معرفش عنه حاجه , لو حسبت انا عشت معاه قد ايه , ممكن مكنش كملت سنه لحد وقت ما بكلمك كده يا ست سعاد

كنت حامل بالصدفه بعد اجازه قصيره عاد فيها محمد بعدما اصبح دكتور محمد من الخارج و كان رافضا تماما للفكره , حاول بطرق ملتويه ان يسقط حملي و كنت اشعر فى قراره نفسي بكل هذه المحاولات بس ما عرفتش أثبت حاجه , لأن فى بعض الاحيان كان محمد يعرض حياته شخصيا للخطر فى محاولاته هذه.
و عندما استقر الحمل و لم يجد فائده من المحاوله , سافر مره اخرى للخارج و لم يعد سوى بعد سنوات , كان عمرو وقتها يكمل عامه الثالث




رجع د. محمد و استقر هنا بس زى ما انت شايفه , الفيلا واسعه ازاى , كنت انا و ابنى فى ناحيه و محمد فى ناحيه , ممكن اقابله صدفه جوه البيت , و هو اصلا مش بيطول , يادوب على قد النوم و ساعات الفطار

- عمرك يا ست زينب ما حاولتى تقربى له ؟؟ انا اسفه على السؤال بس مش عارفه اصدق

- يعنى هو فيه حد يرضى يعيش العيشه بتاعتى دى , اكيد حاولت , بس الكلام ده كان لحد قبل ما يمد ايده على ابنى , من ساعتها و انا اتمنى الارض تنشق و تاخده , عمرو كان زى ما بقولك عنده 3 سنين لما ابوه رجع من السفر , و كان الولد فى مره بيلعب قريب من مكتب محمد و دخل زى اى عيل ما بيدخل اى حته و بدأ يلعب بالحاجات اللى فوق المكتب . انا كنت بعيد لما لقيت قلبى بينشك و بيتعصر و حسيت ان عمرو فيه حاجه
و بعدين سمعت صريخ ,على ماوصلت مكتبه لقيته بيمد الولد على رجله
أه يا ست سعاد لو تعرفى انا لو اقدر كان زمانى قتلته
المهم , فضلت طول الفتره اللى بعد كده , ابعد عمرو عن اى مكان ابوه ممكن يكون فيه , اتقاءا لشره
فضلت زينب تقابل سعاد و تحكى و تحكى , و سعاد حاسه انها بتخزن الكلام بس مش عارفه تستوعبه او تتقبل وجوده لحد ما فى اليوم الرابع وسط حديثهم , حدث ما قطع الحكى :
- اهلا و سهلا , مش ها تعرفينا يا زينب على الاستاذه ؟
- اهلا يا دكتور , انت اكيد سألت و عرفت
- و حضرتك يا ست سعاد لما انتى بتعملى بحث عن حاله ابنى , ممكن تورينى التصريح الخاص بكده ؟؟
-لأ يا دكتور , انا مش بعمل بحث عن حاله ابنك , انا بحاول اعرف ايه اللى وصلوا لكده علشان نعرف نساعده ازاى
-ما دامت محاوله حضرتك مش رسميه , انا بطلب منك تسيبنا فى حالنا و من فضلك مش عايز اشوفك هنا تانى
*******

- يا استاذه , يا استاذه , استنى لو سمحت
هكذا سمعت سعاد سيده عجوز تناديها من خلف سور الفيلا

- ايوه يا حاجه , ممكن اساعدك فى حاجه ؟؟

- انت هنا عشان سى عمرو , مش كده ؟؟
-ايوه ,
- انا فاطمه , انا اللى مربيه الدكتور و ابنه كمان . بصى يا استاذه , الدكتور و الله طيب و غلبان , و عمره ما يقصد يضايق اسم النبى حارسه سى عمرو . بس هو اصل ... و الله الواحد ما عارف يقولك ايه بس يا ست
- بصى يا حاجه , انت عارفه عمرو حالته ازاى دلوقتى ؟؟
- ايوه يا استاذه , الدكتور بيقول انه بيتحسن فى المستشفى و الحاله مش هاتيجى له تانى قريب ان شاء الله
-مستشفى !!! , بصى يا حاجه فاطمه انا هتكلم معاك تانى ان شاء الله , بس عايزاكى تدى الحاجه زينب النمره دى تكلمنى فيها بعيد عن عيون الدكتور

Wednesday, March 28, 2012

حياه اخرى 5


خطت سعاد اولى خطوات عملها فى ممر طويل , كئيب اللون , المبنى كله كئيب , اشبه بمن هجرته الحياه , حتى الاطلال لها دفء عن هذا المبنى ,
المكان كله اشبه شئ بإنسان مريض النفس , سقيم الروح , كأنه يتربص بمن يخطو بداخله ليبثه سمه القاتل و يسلبه جمال الروح
هكذا شعرت سعاد و هى تخطو فى الممر تجاه عنبر الاطفال أ , تستعيد كلمات الرائد فؤاد
- يا ست سعاد , خلى ليك شخصيه , انا هخلى عسكرى يكون معاكى علشان محدش يتجرأ عليكى او يضايقك
- سياده الرائد , دول اطفال , مش مسجل خطر , اطفال مهما حصل فى الكون , . عسكرى ايه و يتجرؤا ايه , بص انا هتفق مع حضرتك على اتفاق , انا هجرب و اروح لوحدى , و لو حصل بوادر اى شئ , هسيبهم و ارجع اخد عسكرى
- يا ست سعاد , انا قلقان على حضرتك . طيب بصى خلى معاك اللاسلكى مفتوح علشان على الاقل احس انك ممكن توصلى لنا بشكل اسرع
-اتفقنا
- دول مش اطفال عاديين يا ست سعاد , دول اطفال شافوا من الاهوال اللى يجردهم من كل المشاعر يعنى اخطر من المسجل خطر , دول اطفال شبه الانسان الالى , بيعمل اللى اتبرمج عليه من غير ما يعرف عواقب او يقدر عواقب اللى بيعمله
كلما اقتربت سعاد اكثر من عنبر أ , ازداد الصخب و الصراخ , كانت سعاد على وشك ان تمسك بمقبض الباب عندما سمعت صوت كالفحيح يصدر من وراء الحائط المجاور للعنبر
-انا هخليك تدفع التمن , مش هربت و اتحاميت فى البوليس ,
- لألأ , لأ و الله يا دبش , انا ماكنتش بتحامى فيهم , ارحمنى , انا .... انا هقولك اللى حصل
- ما تحاولش تضحك علي يا حيوان , انت فاكر انك كده هتفلت , انا هخلصك من روحك دى حالا بس بعد ما اخليك تندم 100 مره
- و الله يا دبش صدقنى , بص , هما عملوا الحركه دى علشان يوقعوك , يا دبش ده كمين لك كعلشان تنتقم منى و يعرفوا يثبتوا عليك كل التهم , انا كبش يا دبش , صدقنى , بص انا عرفت من مرجان انهم وزوه هو و هانى علشان يهدودنى و يعملوا هيضربونى فأهرب , و بعدين قبضوا عليا و فهموا الكل انى اتحاميت فيهم و انى حكيت عنكم اللى يخليهم يعرفوا يقبضوا عليك , اللى قر على زيكوا هو الواد مرجان مش انا
و حطونى فى اوضه لوحدى الفتره اللى فاتت علشان تفتكر انهم خرجونى ,
صدقنى يا دبش , هما عايزينك تفتكر انى قرييت عليكم علشان تنتقم و ساعتها يلاقوا حجه يلبسوك كل التهم التانيه اياها
لم تستطع سعاد ان تصمت اكثر من هذا , اصلا لم يكن صمتها سوي شلل مؤقت اصاب كل حواسها و هى تستمع لهذا الحديث , و قررت ان تصدر من الاصوات ما يردع دبش عن الانتقام من هذا الاخر الذى لم تعرف اسمه بعد ,
و فعلا , سكت الفحيح , و قامت هى بإظهار نفسها حتى يستطيع هذا الاخر الهروب من قبضه دبش , و بالفعل قام هذا الاخر بالهرب و عندها رأت فى ملامح دبش هذا ما اثار دهشتها كل الدهشه و بث فيها الرعب ايضا , فحين كانت تتوقع ان ترى ابشع ملامح لطفل او مراهق ما , لم يحدث هذا , بل رأت من الملامح الملائكيه ما اثار هذا الرعب فيها , فلم تتوقع ان يخلق الله كائن بهذا الصفاء الكائن على وجهه و يسخط بروحه كل هذا السخط ,
كانت على يقين تام طيله حياتها ان الروح تنعكس و تجبل الملامح على ما هى عليه , أما ان ترى من الروح و الملامح ما يتضاد , فكانت هذه اول مره لها , صمدت سعاد امام نظرات دبش و قابلتهم بتحدى , ثم بكل بطء متعمد حتى يعكس ثقتها بموقفها امام دبش , تحولت لتدخل العنبر , لم تحاول الالتفات لترى موقف دبش لكنها كانت تشعر انه يتابعها ببصره ايضا ليثبت لها انه لم يهتز , هذا الاهتزاز الذى انعكس على هيئه اختلاج بسيط فى يده استطاعت ان تلمحه قبل ان تدخل العنبر
*****
كان عنبر أ عنبر مرهق , لكنه لم يكن بالسئ بالنسبه لما قيل لها , هم اطفال كالذين نراهم فى اى مدرسه , يتحينون الفرصه للإنفلات من براثن الانضباط المفروض عليهم , و ان كان شكل تعبيرات الوجوه و الاجسام و الالفاظ , اكثر سوءا مما تخيلت لأطفال
فى منتصف النهار توجهت سعاد لمكتب الرعايه الاجتماعيه و طلبت ان تتعرف على ملف دبش
*****
ظلت سعاد طول الليل تسترجع ما قرأت عن دبش , من دهشتها لقصته كان شكل التقرير كصورة يقفز لذهنها دائما كأنه لا يستطيع استيعاب هذه الصورة فى شكل كلمات
" الاسم : عمرو محمد الاسيوطى
الاب : دكتور عمرو الاسيوطى , مدير مستشفى المنيا العام
الام : زينب عبد المجيد صالح , ربه منزل
تاريخ الحاله : 10- يناير - 1992
قام الطفل عمرو بتسليم نفسه لشرطه قسم وسط بمحافظه المنيا و كان عمره 7 سنوات و طلب منهم حمايته من عنف الاب الغير مبرر
تم اعادته لمنزله فى نفس اليوم , على ان الطفل عاد فى اليوم التالى و على وجهه اثار ضرب مبرح و عده كدمات فى انحاء متفرقه بجسمه
و عند مواجهه الاب , نفى ان يكون هو المتسبب فى هذه الاثار و افاد ان الطفل قد هرب منه بمجرد وصولهم للمنزل و ان هذه ليست اول مره يقوم فيها بالهرب , و انه يعالج نفسيا من حاله انفصام فى الشخصيه و قام بتقديم تقارير طبيه تدل على هذا
تم القبض على عمرو مع مجموعة من الاطفال المشردين , و رفض ان يدلى عن عنوان او اسم ولى امر له , و تم التعرف عليه لوجود بلاغ من والده عن غياب عمرو بتاريخ شهر سابق لتاريخ القبض عليه
رفض الطفل ان يعود للمنزل مره اخرى , تم احالته لوزاره الخدمه الاجتماعيه لبحث حالته
لم يتم التعرف على سبب لرفض عمرو ان يتم تسليمه لأهله , و تم ايداعه بمؤسسه رعايه الاجتماعيه لمده 3 اشهر
تم الابلاغ عن هروبه مره اخرى
تم القبض عليه اكثر من مره فى القاهره بتهم متعدده من تشرد و سرقه و اخيرا توزيع حبوب مخدره على طلاب المدارس الثانوى و ايداعه مؤسسه رعايه الاحداث وعليه عدده احكام
يرفض مقابله اهله , و لم يستدل على الاسباب"
- يا الله , هو ممكن يحصل كده فى الدنيا ؟؟ هكذا حدثت سعاد نفسها .
طيب ليه مش عايز يشوف اهله ؟؟ و التقرير برضه مافيهوش حاجه عنهم و لا هما مش اهله ؟؟ , معقول !!! فيه حد يستغنى عن ابنه كده ؟؟
******
مرت الايام بسعاد فى المؤسسه و هى تشعر بتقدم بطئ فى تقبل الاطفال فى عنبر أ لها , لكنها بدأت تشعر ببدايه استجابه , كان هذا بسبب حادث بسيط وقع داخل المكتبه عندما قررت ان تأخذ عنبر أ للمكتبه ,
حيث قام العامل الموجود بالاستخفاف بهم و بقدراتهم و بدأ فى التعامل معهم على انهم سجناء و ليسوا اطفال
عندما لم يستجيب لطلب سعاد ان يعتدل فى حديثه معهم و ان يتفهم انهم اطفال , قامت بعمل مشاجره معه و تحويله لمدير المؤسسه لتعنته و اصراره على سوء معامله الاطفال ,
كانت هذه اول مره فى حياه هؤلاء الاطفال ان يشعروا ان شخص ما يدافع عنهم , و كانت هذه هى بدايه التحول
كانت سعيده جدا بالتقدم الذى احرزته و لكنها لم تستطع ان تنسى دبش , لم تقابله مره اخرى لكن حادث اخر جعلها اكثر اصرارا على معرفه دبش
حيث سمعت طفلا فى عنبر أ يتحدث ان دبش قام بضرب الفراش الخاص بالدور عندما حاول هذا الفراش ضرب احدهم لأجباره على مساعدته فى تنظيف الدور
******
- الو ..سلام عليكم
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته , ازيك يا سعاد
- تمام يا على , عامل ايه ؟
- انتى اللى عامله ايه ؟ انا بطمن عليكى من الرائد فؤاد و سامع انك مبسوطه
- الحمد لله يا على , الاطفال دول مش مجرمين زى ما الناس فاكراهم , اه فيه منهم اللى شكله كده بس غصب عنهم
- منك نستفيد يا سعاد
- كنت عايزه خدمه يا على
- خير ان شاء الله , تحت امرك
- فيه ولد اسمه عمرو , عمرو محمد الاسيوطى
- كنت عايزه اعرف اكتر عن عيلته يا على , الولد ده فيه شئ غريب
- بقول لك ايه يا سعاد , تشتغلى فى الاحداث و حصل , تساعدى الاطفال و حصل , لكن لازم تعرفى حدودك علشان ما تأذيش نفسك , ما ينفعش تدورى ورا كل طفل , مش ها تخلصى و الله اعلم تقعى فى ايه , حاولى ما تورطيش نفسك فى مشاكل احنا مش قدها يا سعاد
- شكرا يا على , اسفه انى ازعجتك , سلام
انهت سعاد المكالمه و قد قررت ان افضل شئ هو ان تقوم بمساعده نفسها و مرة اخرى لمعت عيناها ببريق عزم على فكره ما

Thursday, March 22, 2012

حياه اخرى 4



- صباح الخير يا سياده الرائد
- صباح الخير يا ست سعاد , ايه اخبارك
- تمام حضرتك من ساعه ما كلمتنى امبارح و انا مستنيه اسمعك
- بصى يا ست سعاد , القوانين مافيهاش حاجه تمنع اننا نشغلك هنا , خصوصا ان واسطتك كبيره و ما نقدرش نرفض لها طلب , بس انت عارفه انت هتواجهى ايه ؟؟
*****
عادت سعاد بذهنها للوراء لتتذكر حوار قريب مع اللواء على , اخوها و اخو عادلى , صديق عمرهم منذ تعرفت على عدلى و هو جزء لا يتجزأ من حياتهم
- يا سعاد , اللى انت طالباه ده كتير و انا مش ممكن اساعدك فيه
- يا على حرام عليك , انت اكتر واحد عارف انا عامله ازاى من بعد عدلى , يعنى اروح انتحر علشان احصله و ترتاحوا
- يا سعاد روحى اتطوعى فى اى مكان , بس مش الاحداث يا سعاد !! يا عالم ده كلام ناس عاقلين ؟؟
- يا على , الحادث ما فتش عليه اكتر من كام شهر يا على , انتوا ايه يا ناس , بتنسوا بسرعه قوى كده
- يعنى ايه يا سعاد , واحد حرامى و رد سجون , و اتهجم علىك فى البيت و الحمد لله اتصرفتى صح
بس مش علشان عرفتى تتصرفى صح مع حرامى , يبقى تروحى الاحداث كلها ؟؟؟
- لأ يا على مش علشان اتصرفت صح , علشان ده طفل , طفل عنده 18 سنه , اللى اتهجم عليا مش واحد حرامى , ده طفل
- طفل عنده 18 سنه ,سعاد انتى عايزه تجننينى
- اسمعنى يا على , انت عيالك ربنا يخليهم لك , ادينا انا و انت لحد دلوقتى بنقول عيال , و بنقول ولاد
- و الاثبات الاكبر انه طفل , هو السبب اللى اتهجم عليا علشانه , طفل شاف كأنى السبب انه اتعاقب من المدرس , فقرر يعاقبنى يا على علشان ساعدت فى انه يتمسك فى السوق و هو بيهرب باللى سرقه.  و علشان هو يكون بالجبروت ده , يبقى لازم نرجع نشوف السبب , و لما نسيب كل اللى فى الاحداث و نطنشهم هنلاقى كل بيت فيه حد بيهجم عليه
- يعنى يا سعاد انت بطولك كده اللى ها تحلى كل ده
- على من غير كتر كلام , هتساعدنى ولا لأ

*****
- يا ست سعاد , ايه رجعت فى كلامك ولا ايه ؟؟
- لأ يا سياده الرائد , عارفه , و مستعده


Sunday, March 11, 2012

حياه اخرى 3

- صباح الخير , قالتها سعاد و ابتسامه كبيره تعلو وجهها , تلك الابتسامه التى تعلم يقينا انها تفتح جميع الوجوه العبوسه امامها
- صباح النور
- انا عايزه اشتغل متطوعه هنا فى المركز
- متطوعه !! هنا !!!
- ايوه , هو مش ينفع ؟
- يا حاجه , انت قرأت اليافطه الكبييييييييييره قوى دى المحطوطه بره ؟؟
- ايوه
- طيب أولا , انت اول واحده تطوع للمكان , فمعرفش ينفع اصلا ولا لأ , ممكن نراجع اللوائح ,
بس اعتقد حتى لو اللوائح بيتسمح , اكيد مش بحد فى سن حضرتك
-انا سألت محامى قبل ما اجى هنا , و عرفت انه ممكن , و سنى اقل من 60 و ده يسمح
- حضرتك سيبى عنوانك و تليفونك و انا هرجع للمسؤولين و اكلم حضرتك تانى
********
- معقول يا ماما , انتى عايزه تجننينى ؟؟
- جرى ايه يا مصطفى , انت مش شايف انك بقيت بتزعق لى كتير قوى اليومين دول
- يا ماما حرام عليك , يعنى عايزة تقوللى انك هتشتغلى فى الاحداث و اكون مطمن و مبسوط ؟؟
- اولا انا مش رايحه اشتغل فى السجن , انا رايحه اساعد اطفال , اطفال زى محمد ابنك , الفرق انهم ملقوش الاهل اللى يقوموهم و يخلوهم اطفال زى ما ربنا خلقهم , و اضطروهم يكونوا اطفال احداث و يسرقوا و يعملوا كل اللى عملوه , اكيد دول ما اتولدوش وحوش , و بعدين ما تنساش انى خريجه علم نفس , و اشتغلت فى الاعمال التطوعيه الخاصه بالاطفال كتير قبل ما اخلف حضرتك
- ايوااااااااااه , انت قولتيها اهه , قبل ما تخلفينى يا ماما يعنى من 30 سنه فاتت , الدنيا كلها اتغيرت يا ماما
- مصطفى بقول لك ايه , خلينى اجرب , لو مقدرتش هسيبها و لو لى خاطر عندك , متطولش فى الكلام اكتر من كده , انت ما تعرفش احساس الوحده عامل ازاى من بعد ابوك
- يا ماما , طيب ما الجمعيات الخيريه و الملاجئ و دور المسنين ماليين الدنيا مش لاقيه مكان تطوعى فيه غير الاحداث !!!
- انا مش هناقش الموضوع ده معاك يا مصطفى , انت اكتر واحد عارف ليه انا اخترت المكان ده ولا تحب افكرك
***************************************************************